باسم تيم*
مرونته الساحرة، وانقضاضاته كالنمر على فريسته “الكرة”، وجرأته في الذود عن الشباك، وهي التي عرف كيف يراقصها مهاجما، جمعت فيه صفات النجومية باكرا، وهو المولود في العام 1965، وكأنه المولود يداعب الكرة، حيث عرف دروبها منذ العاشرة من عمره في سورية، لاعبا فذا في صفوف الغوطة يجيد هز الشباك والدفاع عنها في آن واحد، ليكمل رحلة ألقه الكروية في صفوف المجد السوري، معروفا بالرياضي الشامل، وكامل الأوصاف في العاب كرة اليد والملاكمة وكرة السلة، إلى جانب معشوقته الكرة، ومضى الواثق في قدراته، والمتنوع في مهارته، والمتيم بالكرة، ليصعد سلم النجومية درجة تلو الأخرى، ويشار إليه بالبنان المتميز بين أقرانه، وجامع النقيض بين تسجيل الأهداف في مرمى المنافسين، ومانعها في حراسة المرمى.
باسم تيم حارسم المرمى الفذ في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، والذي نثر عطر إبداعاته في حراسة المرمى، وعرف بـ”الاخطبوط” في حراسة مرمى الوحدات والمنتخب الوطني والفيصلي لاحقا، وهو الذي لم يعرف أن رأي مدربه السوري خليل إبراهيم في ناشئي المجد، يفتح له أبوابا من المجد، حين ثبته في مركز حراسة المرمى، ليذود عن مرمى جميع فئات المجد حتى الفريق الأول، عبر رحلة كروية دروبها الألق حتى العام 1976، وخاض من خلاله أول تجربة احترافية في الإمارات إلى العام 1977.
المجد وعشق الوحدات
وبرع حارس المرمى التاريخي باسم تيم في كل شيء، بالتميز بالدراسة، متخصصا بالهندسة المدنية نزولا عند رغبة والده، وامتدت جسور الحب إلى عمان، حين وقعت عليه عين الأب الروحي للوحدات الراحل سليم حمدان، والذي كان له الدور الكبير في اقناع والده باللعب للوحدات، الى جانب وجود عمه رئيس النادي الأسبق عبدالجابر تيم، حيث يأتي الى عمان وقت المباراة، والعودة الى سورية فور انتهائها، وتكفل عضو مجلس إدارة النادي الراحل عمر غنام “أبو أنور” بهذه المهمة، وذلك خلال دراسة “تيم” الجامعية منذ العام 1978، لاعبا للمجد والوحدات، وكاتبا لفصول قصة كفاح الوحدات بين “الهبوط” والصعود الى مصاف الأضواء واللقب الوحداتي الأول في تاريخ كرة القدم الأردنية.
حارس المرمى باسم تيم، الملقب بالاخطبوط، النمر أو الفهد وحامي العرين الوحداتي، سلك دروب المجد في الوحدات، وهو الذي شاركه رحلة الصعود إلى دوري الكبار منذ العام 1978، وكان له الأثر الكبير بفوز الوحدات بلقب الدرجة الثانية وقتها، واستمر في الذود عن العرين الأخضر، معشوقا للجماهير، ومواكبا لزحف الطوفان الأخضر إلى المدرجات، والموقع على ألقاب الوحدات حتى العام 1986.
رفيق الدرب لنجوم زمنه الجميل، مصطفى أيوب، وليد قنديل، ماجد بسيوني، بكر جمعة، خالد سليم، ابراهيم سعدية، مظفر جرار، وليد خاص، جلال علي، عبدالكريم الشدفان، يوسف العموري، رائد عساف، الراحل جلال قنديل، نصر قنديل، جلال علي، غسان جمعة، نادر زعتر، غسان بلعاوي وجهاد عبد المنعم، وغيرهم من صانعي أمجاد الوحدات، وغيرهم من اللاعبين، والمعروف بحارس المرمى المرعب لمن تلتهم من أجيال وحداتية، ووصفته كواحد من أهم حراس مرمى الوحدات والكرة الأردنية حتى بعد اعتزاله الكرة ليومنا الحالي.
حارس المرمى الانيق والعتيق باسم تيم، ما يزال يعرف بـ”معشوق الجماهير” الوحداتية، وهو الذي لا تغيب عن أذهانهم وأذهانه، عندما أبدع وتألق في حماية العرين الوحداتي، في المباراة المعادة أمام الحسين إربد العام 1980، والذي سجل معه الوحدات أول ألقابه بالدوري المحلي، بعد الفوز في تلك المباراة الشهيرة 2-1، وأحد قادته إلى ظاهرة القطبين مع منافسه التقليدي الفيصلي، وما تزال فنونه وجنونه حاضرة في هتافات الجماهير، حينما كان المتخصص في صد ركلات الجزاء وتسجيلها، وهو الذي قاد الوحدات الى لقب كأس الأردن على حساب الفيصلي في واحدة من أروع مبارياته مع الوحدات العام 1985، والذي وصف بحارس المرمى “المعجزة”، حين ساهم الى جانب رفاقه بزف لقب درع اتحاد الكرة، وكأس الأردن بالعام 1982، وكذلك بطولة درع اتحاد الكرة 1983، كأس الأردن بالعام 1985 الى ناديه “الأم” في مخيم الوحدات.
نداء الوطن
ولعل قدرات باسم تيم، وبراعته في الذود عن الشباك، قادته سريعا لنيل شرف الدفاع عن “عرين” منتخب الوطن، وهو الذي منعته الدراسة من تلبية الدعوة للعب في صفوفه بالعام 1978، إلا انه وعندما استقر به المطاف في الأردن العام 1979، وجد عليه واجبا في تلبية نداء الوطن، وهو الذي زامل وارتبط بعلاقة وثيقة بحارس المنتخب الوطني والفيصلي ميلاد عباسي، وذاد عن شباكه ببسالة فائقة حتى اعتزاله الكرة 1986-1987، ولفت إعجاب النقاد والمحللين المحليين والعرب، حتى أن تغنى به المعلق السوري الراحل عدنان بوظو الذي قال فيه” حين يذكر اسم الأردن، أتذكر فورا حارس المرمى باسم تيم، حارس المرمى الشهير بالأردن”، وبقي حارس المرمى الأمين لشباك المنتخب الوطني، طيلة فترة لعبه الكرة، وتغيب لكسر في قدمه بالعام 1984.
ومارس باسم تيم هوايته في الذود عن عرين منتخب الوطن ببسالة، وهو المعروف بمرونته وقوة ارتقائه ورد فعله الرائع، والتمركز والتقاط الكرات كالأخطبوط، وشاركه محطات لا تنسى من ذاكرة الكرة الأردنية، لا سيما بطولة كأس العرب العام 1983، وتصفيات كأس العرب في السعودية 1985، وكررها في العام 1986 بالقاهرة، وتصفيات دورة الالعاب الأولمبية 1984 في لوس انجلوس، وشارك المنتخب في تصفيات كأس العالم 1984 في الصين، وتصفيات كأس العالم 1986، وغدا ركيزه اساسية في جميع البطولات حتى ترجل عن صهوة العطاء في دروب المستديرة.
وما تزال الذاكرة الأردنية، تتذكر بسالة حارس المرمى البارع باسم تيم، كلما هبت رياح الذكريات صوب مباراة المنتخب الوطني أمام قطر العام 1984 في تصفيات كأس العالم، والتي تنظر الى براعة باسم تيم في حماية عرين منتخب الوطن من جانب، وهدف المدافع الرائع عصام التلي، لتسرح في ذكرياته الى جانب اسماء لبت بشرف نداء الواجب الوطني، وترفع له القبعات له ولجيله الوطني، أمثال خالد سليم، خالد الزعبي، محمد اليماني، ابراهيم مصطفى، ابراهيم سعدية، توفيق الصاحب، ميلاد عباسي، نادر زعتر، حسام سنقرط، زيد الشرع، فايز بديوي، جلال علي، نارت يدج، جهاد عبدالمنعم، عصام التلي، باسم مراد، خالد سعيد، عصام التلي، سامي السعيد، راتب الداود، يوسف العموري ورائد عساف، وما يزال باسم تيم الجوهرة اللامعة في عقد الكرة الأردنية.
“القطبان و3 منتخبات”
يعتبر حارس المرمى البارع الذي لعب في صفوف القطبين-الوحدات ثم الفيصلي-، حيث لعب في موسمه الأخير مع “المستديرة” في صفوف النادي الفيصلي، ولعل ظروفه القاهرة وحاجته المالية لاتمام علاج ابنته “دالين” في لندن-رحمها الله وأسكنها فسيح جناته-، أجبرته على اتخاذ ذلك القرار، رغم أنه يعترف بأن رئيس النادي الفيصلي الأسبق الراحل مصطفى العدوان، رفض قدومه الى الفيصلي بداعي مساعدته في ظرفه الإنساني القاهر، إلا أن تيم أجابه بأنه يريد متابعة مشواره الكروي، وسط مطالبات “تيم” بعدم اللعب أمام الوحدات، معترفا بحبه الكبير لـ”المارد الأخضر”، فلبى له العدوان له ما اراد، حيث لم يلعب تيم 4 مباريات بالدوري، إلى جانب مباراة ودية خصص ريعها لدعم الإنتفاضة، وأجبره عشقه الوحداتي عن الإعتذار لعدم قدرته على إكمال المسيرة، مبديا احترامه الكبير للفيصلي، الرئيس ومجلس إدارة واللاعبين والجماهير.
ويضاف الى السجل الباهر لباسم تيم الكروي، لعبه في صفوف 3 منتخبات كروية، حيث لعب أولا لمنتخب فلسطين قبيل اعتراف الاتحاد الدولي بالاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، وشاركه إبان لعبه لفريق المجد السوري، وشاركه العديد من البطولات العربية، ولعب ايضا للمنتخب السوري، الذي مثله في مباراة وحيدة أمام المنتخب المصري في القاهرة، بعد ان كان المنتخب السوري الأول مشاركا ببطولة وقتها بالهند، وسطر باسم تيم صفحات من الألق الوطني في صفوف منتخب الوطن، فور استقراره في عمان ولعبه في صفوف الوحدات خلال الفترة 1979-1986، واعتزل الكرة بعدها تاركا ألقه وبراعته في حراسة المرمى، ومجده وصيته وذكريات ألقابه لتستظل بظلها الأجيال القادمة في تاريخ الكرة الأردنية.
المدرب العملاق
وكما كان باسم تيم “ماردا” في حراسة المرمى الوحداتية الكرة الأردنية، غدا مدربا عملاقا في تدريب حراسة المرمى، الذي اجتهد وطور نفسه بالدورات والشهادات التدريبية، وما يزال الاسم اللامع في تدريب حراسة المرمى الوطنية، وهو الذي تخصصها من خلال أكاديميته الخاصة في تدريب الناشئين من حراس المرمى، فضلا عن تجارب وطنية ناجحة مع المنتخبات الوطنية، ضمن الأجهزة الفنية لمنتخبات الشباب والأولمبي والأول خلال الفترة 1992-1996، وهو العاشق المتيم بالوحدات، والذي تواجد في أجهزته الفنية على فترات، حيث كان تواجده الأول برفقة الراحل عزت حمزة 1991، وكذلك تكرر تواجده مدربا لحراس المرمى في القلعة الخضراء في أعوام متقطعة 2005-2008، وله تجارب ناجحة في عدد من الأندية المحلية، لاسيما الجزيرة وشباب الأردن، وخاض تجارب احترافية مدربا لحراس المرمى عديدة، منها في دبي، رأس الخيمة، الوحدة، أبوظبي، وقطر، وما يزال الخلوق، وصاحب الروح الحلوة الكابتن باسم تيم، الاسم “الرنان” والمزدان بوسام الألق لاعبا ومدربا لحراسة المرمى في تاريخ الكرة الأردنية.–الغد