باسم تيم *
كتب:ابو اليزيد غيث
لم تكن تتخيل جماهير الوحدات في الثمانينيات أن يدخل الفريق أرض الملعب دون أن يتواجد مع الفريق تحت أي ظرف كان ، ولم يكن احتياطيوه يحظون بتلك الفرصة لكونه سلب عقل الجماهير وأقنع كافة الأطراف بأنه لا أحد يستحق أن يحرس العرين الأخضر سواه ، وفعلا أي حارس كان ،،، صاحب قامة قصيرة ولكن مرونته وذكاءه وتركيزه وجرأته وحسن اتخاذ القرار كلها أمور كانت تعوض قصر قاماته ،،، لطالما ذاد عن مرمى الأخضر ببسالة ومعه عرفت الجماهير حقا بأن حارس المرمى يشكل نصف فريق لوحده ،،، كان صاحب شعبية كبيرة بين الجماهير تنافس شعبية الكابتن خالد سليم ولكنه خسر جزء كبيرا من شعبيته عندما أقدم على الانتقال للفيصلي المنافس التقليدي للوحدات اواخر الثمانينيات مدشنا أولى الانتقالات بين القطبين وفي عصر ما قبل الاحتراف حيث صعوبة تقبل الجماهير لهكذا قرار ،،، تحمل انتقادات الجماهير القاسية انذاك مفضلا عدم البوح بالسبب الذي دفعه للانتقال للفيصلي قبل أن يخرج للإعلام بعد سنوات طويلة ويؤكد بأن إدارة النادي هي السبب دون أن نسمع وجهة نظر الإدارة حتى اللحظة ،،، ولكن بمرور السنوات عادت المياه الى مجاريها وعاد الكابتن الى حضن النادي الذي شهد تألقه ولكن هذه المرة مدربا لحراس المرمى وسط ردود فعل متباينة من الجماهير ، فمنهم من لم يعاصر تلك الأزمة ومنهم من قدر للكابتن مشواره وتألقه مع الفريق والبعض تقبل الأمر على مضض بسبب المشاعر السلبية التي خلفها انتقاله الى المنافس التقليدي للوحدات ،،،
ذلك هو الكابتن محمد باسم تيم الشهير ب ” باسم تيم ” حارس المرمى الذي التحق بالوحدات في موسم ١٩٧٨ قادما من سوريا بعد عدة مواسم لعبها لحساب ناديي الغوطة والمجد الدمشقيين ،،، ورغم أنه بدأ مشواره كمهاجم مع الغوطة ، فقد لعب عدة مواسم مع المجد كمهاجم وحارس مرمى الى أن جلبه المرحوم سليم حمدان الى الوحدات ،،، شارك الفريق بداية في رحلة الصعود الى الدرجة الأولى والثبات فيها موسما ثم كان أحد أهم أسباب فوز الفريق بلقب الدوري التاريخي موسم ١٩٨٠ ،،، وقد تألق الكابتن باسم تيم في حماية مرمى الوحدات كثيرا وقاده لتحقيق العديد من البطولات لاحقا حتى أنه ساهم ببعضها من خلال صده و تسجيله لركلات الترجيح كما فعل أمام الفيصلي في نهائي كأس الأردن ١٩٨٥ حينما صد ركلة وسجل الركلة الحاسمة في مرمى منافسه طيب الذكر ميلاد عباسي ،،، وذات الأمر كان قد فعله في نهائي درع ١٩٨٢ أو ١٩٨٣ أمام نادي عمان عندما سجل الركلة الحاسمة أيضا في مرمى خالد عبد الفتاح إن لم تخني الذاكرة ،،،
وكان الكابتن باسم تيم قد مثل المنتخبين الفلسطيني والسوري قبل أن يمثل منتخبنا الوطني بداية من موسم 1979 ولسبعة مواسم شارك خلالها في العديد من التصفيات والبطولات وقدم خلالها عروضا مبهرة وبخاصة في مواجهة أبرز هدافي المنتخبات الخليجية كالقطري منصور مفتاح والسعودي ماجد عبدالله والعراقي حسين سعيد والكويتي جاسم يعقوب حيث تميز في ابعاد الكرات الرأسية لهؤلاء النجوم والتصدي لتسديداتهم القوية بمرونة وحسن تركيز يحسد عليهما ،،، وقد زامل الكابتن باسم تيم في حراسة مرمى المنتخب لتلك الفترة كل من حارس الفيصلي ميلاد عباسي وحارس الأهلي عزت هاشم وثلاثتهم كانوا حراسا على سوية عالية ولكل منهم مميزاته ولكن غالبا ما كان باسم تيم هو الخيار الأول للمدربين ،،،
ومع بداية موسم ١٩٨٧ ” وهنا أروي ما جاء على لسان الكابتن في إحدى المقابلات التي أجريت معه في السنوات الأخيرة ” حدث أن طلب الكابتن باسم تيم من إدارة النادي أن تعطيه ثلاثة الاف دينار لعلاج ابنته في بريطانيا حيث كانت تعاني من مشاكل في القلب وكان يصعب علاجها في عمان ، توفيت لاحقا رحمها الله ، لكن إدارة النادي رفضت ليترك باسم تيم الفريق وينتقل لاحقا الى صفوف الفيصلي مبررا ذلك في وقت لاحق بأنه أراد رد الجميل للمرحوم الشيخ مصطفى العدوان الذي كان قد ساعده في علاج ابنته رحمها الله ،،، وقد أكد باسم تيم في حديثه أن المرحوم العدوان لم يشترط عليه اللعب للفيصلي ولكن تيم نفسه من أصر على ذلك عرفانا منه لما قدمه له الشيخ المرحوم ،،، وهنا أتذكر أن الكابتن باسم تيم لم يلعب مع الفيصلي سوى بضعة مباريات قبل اعتزال الكرة نهائيا ، إحداها كانت ودية أمام الوحدات بهدف جمع التبرعات للانتفاضة وقد خرج منها تيم بأقل الأضرار المعنوية كون الجماهير التي حضرت المباراة كانت تريد دعم الانتفاضة أكثر من البحث عن التنافس أو تصفية الحسابات ،،،
على أية حال بالرغم مما حدث يبقى الكابتن باسم تيم أحد الحراس الأساطير الذين لعبوا للوحدات والمنتخب الوطني وسكنوا الذاكرة الوحداتية بكل اقتدار ،،، وجماهيرنا مخلصة بدرجة غير معقولة لجيل الثمانينيات تحديدا ولا أظنهم ينسون أن واحدا من أكثر الهتافات رواجا في مدرجاتنا أيام العز هو ” يا باسم يا سمكة ، يا حامي هالشبكة ” كما لن ينسوا يوم أن قام باسم تيم بتوبيخ نفسه بطريقة عجيبة عندما أضاع ركلة جزاء أمام حارس الرمثا غازي الياسين حيث مزق باسم بلوزته الحمراء الشهيرة ، ( التي اعتاد أن يلبسها مع الكلر الأزرق و الجراب البيضاء والحذاء الاسود وجميعها من ماركة أديداس) ،،، والأهم من ذلك أن تاريخ الكابتن باسم تيم المشرف في الذود عن عرين الأخضر لا يمحوه انتقاله الى الفيصلي رغم وقعه الصعب على البعض منا وبخاصة أن لدى الكابتن ما يبرر قراره المثير للجدل بحسب ما سمعنا منه ، فليس هنالك اغلى من الأبناء وإذا ما وصل الأمر الى صحتهم فلا شيء يعادل ذلك ،،،
في النهاية ، أشكر الكابتن باسم تيم على مشواره المشرف مع الأخضر وأعتذر منه في حال لم ترق له أي من كلماتي ،،، وأسأل الله أن يتغمد ابنته بواسع رحمته ،،،
#باسم_تيم ،،،،