د زياد القسوس
ليكتمل المشهد السينمائي المتخيل للفارس الأصيل في عائلة “القسوس” التي كانت الطيور والحيوانات جزءا من ابجدياتها.. كان لا بد لمن يقود الحصان ان يرمي السهم من فوقه؟
.. ورمى الاب توفيق القسوس بثقله في رياضة البولو والفروسية ..فماذا يتبقى لابنه زياد غير رمي ما لا يرمى ، وصيد ما يعجز عنه غيره. !
تصيد الصحون الطائرة في “التراب” وكل ما يطير أو يدب على الارض،، من الطيور الى الخنازير فالثعالب والخراف والضباع وحتى تربية نمره صغيره داخل بيته في غرفة مغلقة أعياه السهر عليها فاهداها لسمو الاميرة هيا – وكانت رئيسة رابطة اللاعبين الدوليين- وعندها ماتت لقلة خبرة الجميع بتربية النمور!
وتلك هوايات تتشعب وتمتد لتصبح أقرب للشجن في حياة عازف العود، وزياد عزف على لحن الابداع حتى قدم معزوفات عذبة ااستهلها بنيل الميدالية الفضية في الدورة العربية عام 1988 في القاهرة واتبعها ببرونزية الدورة العربية 1992بسوريا.
وتجري الرماية مجرى الدم في حياة المولود يوم 12/3/1952 والذي بدأ رحلة تعلم الصيد منذ الصغر اثر التقاط إبر الخياطين والدبابيس ل”طعجها ” ورمي العصافير فيها، ثم اتبع ذلك برمي الحصى والحجارة و”المقليعة” والخرطوش والبواريد في الزرقاء .
وفي العام 1967 انتسب زياد لنادي الرماية الملكي بماركا الذي كانت تقام فيه حفلات رماية بعد سباقات الخيل والمسابقات الرسمية…وكانت العائلات تحضر المنافسات وتلهو وتتعشى وتسهر معهم على الأنوار الكاشفة ، وكل ذلك حصل بتشجيع من الرامي المرحوم انطون البندك الذي رأى فيه شابا يافعا فعرض عليه وعلى رفيقين له ممارسة اللعبة التي بات بطلا عاشقا محبا لها،فشارك بمسابقة “التيرو” وهي تقام في نحو من ” 6-7 ” جولات من رمي الصحون والدوبليه…ومن ثم لم يترك مناسبة الا وشارك فيها بعدما انضم لنادي التيرو” تأسس عام 1962 بماركا” قبلة متسابقي الخيول ورمي الاطباق.
وجاءت رحلة الدراسة الى اليونات “1971-1978 ” لتوقفه عن ممارسة اللعبة حين درس طب الاسنان وهناك مارس اثناءها رياضة صيد السمك وساهم تعلمه اللغة اليونانية بتعلم فنون اللعبة اثر المشاركة في مسابقات الرماية التي كانت تقام في قبرص حيث ابطال العالم يشاركون البلد الذي يتحدث اليونانية ويستضيف كبار مشاهير اللعبة حتى صار بينهم مميزا ونال المركز السادس الذي يؤهله للمشاركة في النهائيات التي تقام بين افضل ستة بالعالم وعندها حافز على مركزه السادس – ببطولة جراند باي العالمية – حيث من يسبقوه دراية وخبرة من نجوم العالم يحجزون ما اعتادوا عليه من مراكز وكان اغلبهم من البلد الذي تقام المسابقات فيه في عدة مدن كنيقوسيا ولارنكا وليماسول وغيرها والتي تشارك بها امريكا والمانيا وبلغاريا وايطاليا وغيرها.
وحين عاد من اليونان اعاد طرح اوراق اعتماده مع نادي الرماية الملكي العام 1979 وبقي يمارس اللعبة حتى العام 2000 وقد تدرب بشكل جيد مع الروسي روبرت ميكالينكو ومعه تشكلت نواة افضل منتخب وطني برماية التراب مع الشريف عبدالله اللهيمق وايسر الحياري ومعه نال اول جائزة في حياته المهنية وكانت عبارة عن الام الروسية وهي تمثال خشبي حين تفتحه تجد اما اصغر فاصغر وهكذا،،فيما ناظره قوة برماية السكيت خيري عمرو وخالد نغوي ومحمد القاسم وراضي ابو الراغب وتزامل مع الرماة محفوظ وروبرت وزكريا السروجي وغالب وأنور وفواز خرفان ونصري والياس مقحار وعرفان واحسان ادلبي ونجيب سهيل فارس وحبيب فارس وانيس وسمير المعشر وقسطندي خوري وانطوان البندك ونشات حداد وحميد الشرايري وخلدون عوده ونادر شلهوب وداود جويحان وزياد الفرج ” من افضل الرماة في العصر الذهبي لهذه الرياضة والذي انتهى بكل اسف بتراجع الاتحاد وانقراض الملاعب التي كانت عامره فيه اثر تشجيع سمو الامير محمد بن طلال رئيس اتحاد الرماية .
واختلفت الامور ، وراحت ملاعب واختفت وزادت المصاريف وثقلت الاعباء ولم يعد ممكنا الانفاق على لعبة كانت تستهلك من 5-7 دنانير للجولة الواحدة اي مايتراوح بين 52-35 ينار بالوقت الحالي.
وللدكتور زياد ثلاثة ابناء يحمل اكبرهم علاء درجة الدكتوراه في علم الجينات فيما درست نور طب الاسنان كابيها وورامز نال شهادة الماجستير في ادارة الاعمال وترك والده يدير اعمال النحل ويتغلغل في عالمها بعدما كان مهوسا بالرمي في بيته بعد ان يغلق الابواب ويقلقل منام اهله ، او يتدرب بلا طلق حتى يحافظ على وقفته وتكنيكه بدل ان يفقده ، كما كاد يفقد مهنته الام “طب الاسنان” لكثرة ما انفق على اللعبة او ترك فيها العيادة ظهرا ليذهب ليتدرب وحيدا ..تماما كما عاش هو وباقي لاعبي هذه الرياضة التي كانت تصحو عليها البلاد في الاولمبيادات والدورات العربية وكانها فزعة عرس تبدا وتنهي بنهايته ..وفي النهاية الحزينة ودع القسوس العبة بعد الدورة العربية بسوريا 1992 حين احس بالاحباط فبات يمشي وحيدا بعكس ليفربول الانجليزي الذي يعده جمهوره في كل مباراة بانه “لن ميشي وحيدا”.