محمد اليماني*
محمد حسين ناصر العودلي (محمد اليماني)، المولود في 15 آذار (مارس) للعام 1953 تمسك بالكرة، أحبها وأحبته، ودارت معها أحلامه، وأخذته في دوربها الوعرة، والتي خرج منها منتصب القامة، يجيد اللعب بكلتا القدمين، والماهر في إغلاق البوابة الدفاعية من الطرفين -الظهير الأيمن والأيسر-، وما أن حصل على شهادة الثانوية العامة، بقي متشبثا بحلمه الكروي، منطلقا بتميزه ومهارته في الفرق المدرسية، والحارات الشهبية حيث الأندلس فريقه الشهير في مكان سكنه المهاجرين، ولما كانت الحارات والفرق الشعبية منجم المواهب الكروية، وقعت عين أحد الكشافة على قدراته، وأخذه حيث النادي الأرثوذكسي الذي كان يدربه حارس مرمى الفيصلي الأسبق نادر سرور، والذي دافع عن ألوانه خلال الفترة من 1973-1975، وسرعان ما خطفه عراقة وصولات وإنجازات النادي الفيصلي، ليستقر على يد المدرب الراحل محمد عوض في صفوفه العام 1976، حيث استقدمه على سبيل الإعارة من الأرثوذكسي-الذي جلب الفيصلي جميع لاعبيه-، ليشاركه مباراتين في حلب، وبقي في صفوف”الزعيم”.
وفتح لليماني باب من أبواب المجد في النادي الفيصلي، الذي بقي ضمن خيارات المدربين الرسمية خلال الفترة 1974-1988، وهو الذي لعب لجيلين من أجيال الزمن الجميل، وأسماء كبيرة في تاريخ الفيصلي والكرة الأردنية، أمثال مصطفى العدوان، وليد العنبتاوي، حسام سنقرط، عبدالكريم اللوزي، ميلاد عباسي، إبراهيم الفاعوري، أحمد الروسان، زياد جميل، فائز العبداللات، محمد البردويل، إلياس مكاوي، علي مرجان وسائد استييه، ومع الجيل التالي أمثال باسم مراد، ناصر عبدالفتاح، خالد عوض، جمال ابو عابد، خالد سعيد، عماد زكريا وعماد مسلم، وطبع قبلاته على عديد ألقاب الفيصلي في المسابقات المحلية حتى اعتزاله الكرة، وقادته مهارته الى منتخب الأمن العام الذي مثله خلال الفترة من 1974-1988، وشاركه العديد من المشاركات الخارجية وتولى شارة القيادة في الفيصلي ومنتخب الأمن والمنتخب الوطني.
صفحات وطنية
الراحل محمد اليماني، وقع على اختيار المدربين في صفوف المنتخب الوطني منذ الوهلة الأولى، واستهل مشواره ضمن منتخب الشباب تحت 20 بقيادة الراحل شحادة موسى، وما أن وقعت عليه عين المدرب الأول للمنتخب الوطني الألماني جوزيف ستيغر، الذي كان يساعده وقتها المدرب الراحل محمد عوض حتى اختاره فورا لصفوف المنتخب الوطني، إلا أنه كان له رأي آخر بالنسبة للمركز الذي كان يشغله-الظهير الأيسر-، ليوظف أمكاناته في مركز الظهير الأيمن، خاصة بعد أن شاهده في مباراة فريقه السابق الأرثوذكسي أمام القادسية في الصعود لمصاف الكبار، ووقتها شغل الراحل اليماني مركز الجناح الأيمن، وسجل وقتها للأرثوذكسي 5 أهداف، وبقي ضمن صفوف المنتخب الوطني الذي تولى شارة قيادته حتى العام 1987، وضمن خيارات المدربين الألماني شتيجر، الإنجليزي توني بانفيلد، والوطنيين الراحلين محمد عوض ومظهر السعيد.
وبرز الراحل اليماني لاعبا فذا في صفوف المنتخب الوطني، خلال البطولة العربية الخامسة العام 1976، وبطولة كأس العرب العام 1983، وتصفيات كأس العرب في السعودية 1985، وكررها في العام 1986 بالقاهرة، وتصفيات دورة الألعاب الاولمبية 1984 في لوس انجلوس، وشارك المنتخب في تصفيات كأس العالم 1984 في الصين، وتصفيات كأس العالم 1986.
شغف بالتدرب
الراحل اليماني بقي وفيا للكرة الأردنية حتى بعد اعتزاله الكرة، والتي أخذته الى مستطيلها الأخضر مدربا بارعا، ولأنه عرف أن طريقها تحتاج الى التزود بالدورات، فقد تسلح بالخبرة الميدانية والرؤية الفنية والدورات التدريبية، حيث شارك اليماني في الدورة التدريبية الآسيوية A في العاصمة اللبنانية بيروت العام 2013، وكان قبلها قد حصل على دورة B في لبنان 2011، وشارك في الدورة التدريبية لتطوير المدربين للشرطة العام 1982، والدورة التدريبية الدولية لكرة القدم الأولمبية والتي اقيمت في العراق 1988، وفي الدورة التدريبية لكرة القدم الاولمبية والتي اقيمت في الأردن العام 1996، ودورة متقدمة للتدريب باشراف الاتحاد العربي لكرة القدم والتي اقيمت في الأردن 1996، وشارك في الدورة التدريبية الدولية التي اشرف عليها الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، والدورة التدريبية للواعدين للاتحاد العربي لكرة القدم في سورية 1998، وشارك في الدورة التدريبية المتقدمة التي اقامها الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” العام 1999، والدورة التدريبية المتقدمة الأكاديمية الافريقية التي اقيمت في العامصة المصرية القاهرة العام 2005.
العشق “الأزرق”
عاد الراحل اليماني الى بيت عشقه “الأزرق” ليفرغ ما جعبته من رؤية تدريبية، صاعدا سلم “النجومية” التدريبي بجرأة وثقة وثبات، موزعا نجاحاته في قيادة منتخب الشرطة لمدة 10 اعوام خلال الفترة 1987-1997، ومساعدا لمدرب النادي الفيصلي لموسم 1989-1990، وهو الذي عرف شغفه بالفئات العمرية الكروية، والتي تولى مهمتها الفنية العام 1991-1992، وكرر بصمته التدريبية فيها مدربا العام 1996، ورفد فريق الفيصلي الأول بالعديد من المواهب الكروية التي لاحصر لها، وغدت نجوما في الفيصلي وسماء الكرة الأردنية، وعاد ليعمل مساعدا لمدرب الفريق الأول للفيصلي خلال الفترة من 1992-1995، ومساعدا لمدرب الفيصلي العام 1997، ونهل من نبع الخبرة الفنية من الأستاذ الراحل مظهر السعيد، الذي عمل مساعدا له في كرة الفيصلي لمدة 12 عاما، قدمته بثبات الى إدارة الفيصلي مديرا فنيا، حيث تولى إدارة الفيصلي الفنية خلال الفترة من 1998-2000، وخلال تلك الفترة تولى مهمة الإدارة الفنية لفرق الفئات العمرية، معروفا بشغفه بالمواهب وضمها للفريق الأول، وتوالت قيادته الفنية للفيصلي خلال الفترة 2000-2004، وخاض الراحل تجربة تدريبية احترافية لفريق أهلي صنعاء اليمني، فضلا عند تجارب فنية محلية لاسيما اليرموك وشباب الأردن، وتبعا لخبرته التدريبية ومهارته في اصطياد “المواهب” الكروية، فقد برع في مهمة المنسق العام لمراكز الواعدين والنخبة، فضلا عن اعتبار الراحل اليماني احد ابرز اعضاء رابطة اللاعبين الدوليية.
توقيعات خالدة
وقع الراحل المدرب محمد اليماني، على العديد من الألقاب وتمثيل الكرة الأردنية بشكل مشرف مدربا في العديد من المناسبات، حيث ساهم اليماني بحصول الفيصلي على لقب الدوري الأردني كمساعد للمدرب أعوام 1989، 1990، 1992، 1993 و1999، وقاد فريق شباب الفيصلي الى ألقاب فئته اعوام 1991، 1992، 1996، 1998، 1999 ، 2000، وتوجها بذات الفترة بقيادته فريق الفيصلي الأول إلى ألقاب الدوري أعوام 1992، 1996، 1998، 1999 ، 2000، وطبع الراحل اليماني قبلته على لقب كأس الأردن مساعدا للمدرب اعوام 1989، 1991، 1992، 1993، 1994، 1995، 1997 و1999.
وساهم الراحل اليماني في حصول الفريق الفيصلي على لقب السوبر (كأس الكؤوس)، مساعدا للمدرب اعوام 1993، 1994، 1995 و1996، وما تزال ألقاب الدوري تحمل توقيعه مدربا بلقب الدوري كمدرب موسم 2000-2003، ودوري المحترفين في الموسم 2009-2010، وكذلك مدربا حل بالفيصلي وصيفا لبطل الكأس 2000-2001، وفيما وقع ايضا كمدرب للفيصلي على لقب كأس الكؤوس العام 2002 وكذلك في العام 2004، ووصيف بطل درع الاتحاد 2001-2002.
وكان الراحل اليماني ضمن الجهاز الفني لفريق الفيصلي في المشاركات الخارجية، لا سيما بطولة الأندية العربية الثانية التي اقيمت في قطر 1991، وببطولة الأندية العربية التي اقيمت في العاصمة المصرية القاهرة العام 1995، وبطولة الأندية العربية أبطال الكأس التي اقيمت في الأردن 1996، وببطولة كأس السوبر العربية العام 1996 في سورية، وببطولة النخبة العربية الثالثة التي اقيمت في المغرب العام 1997.
ولا يخلوا عقد فريق الفيصلي من رسم اليماني في الحضور المشرف للكرة الأردنية، حيث شاركه مدربا في نيل وصافة النخبة العربية العام 2000، والميدالية البرونزية في بطولة الأندية العربية التي اقيمت في السعودية، وشارك في بطولة الوفاء في سورية العام 2002، وتأهل للدور الثاني مع الفيصلي في بطولة كأس الاتحاد الآسيوي العام 2005، والتأهل لبطولة الاندية العربية في مصر العام 2007.
“الصياد” الماهر
عرف الراحل المدرب الوطني محمد اليماني بلقب “الصياد” الماهر، تبعا لعشقه الجنوني بالكشف عن الجواهر الكروية في محيط واسع من المملكة، وهو الذي كان شغوفا بمتابعة بطولات المدارس، وكذلك بطولات فرق الحارات الشعبية، وعندما تقع عينه على موهبة، لا تخيب ظنه في تفريغ موهبتها لصالح الفيصلي والمنتخبات الوطنية، وكان الراحل لا يهدأ ولا يمل، وعشق عمله بجنون في الفئات العمرية للنادي الفيصلي، الذي يحاكي هوايته في اصطياد المواهب، وقدم نماذج من المواهب الكروية التي ما أبدعت في مختلف مراكز اللعب، وكانت عند حسن ظن مكتشفها الراحل اليماني، وبرزت بشكل لامع في سماء الكرة الأردنية، ومنها ما يزال يدين بالفضل لنجوميته إلى الراحل اليماني.
ورحل اللاعب والمدرب الوطني الكبير في السادس عشر من تموز (يوليو) للعام 2019، وودعته الجموع بالدموع، مؤكدين خسارة النادي الفيصلي والكرة الأردنية، للقامة الوطنية التي تشكل مسيرته الكروية، رسائل لتحفيز الأجيال القادمة، للعطاء بسخاء ووفاء وانتماء للنادي والكرة الأردنية.الغد