وسام الصوص *
كثيرون هم من يتجهون إلى عالم التدريب في ملاعب الكرة السلة بعد اعتزالهم اللعب نهائيا، لكن قلة منهم من بلوغ المراد، ومن الملاعب الأردنية، يتوجه لاعب واحد نحو تحقيق نجاح باهر في هذا المجال.
هذه الأيام، نرى مجموعة كبيرة من اللاعبين الدوليين السابقين، يتوجهون إلى عالم التدريب، كان لافتا تحقيق معتصم سلامة لنجاحات عديدة في مسيرته التدريبية، كما لفت يوسف أبو بكر الانتباه مع فريق الجبيهة في الدوري الممتاز الموسم الماضي، ويشق قائد المنتخب الوطني السابق زيد الخص طريقه بخطى واثقة من خلال عمله في الجهاز الفني لـ”صقور الأردن”، علما بأن صانع ألعاب المنتخب السابق سام دغلس، يعمل حاليا ضمن الجهاز الفني لأحد فرق دوري “G league” الرديف التابع لدوري السلة الأميركية للمحترفين (NBA)، علما بأنه درب منتخب الوطن في بداية مسيرته التدريبية.
لاعب آخر يسير على هذا الدرب، ليحقق نجاحا سريعا، مستفيدا من خبرته الطويلة كلاعب تدرب على أيدي مجموعة من المدربين المرموقين، ليستغل التجارب والخبرات التي حصدها، على النحو الأمثل، ويتلمس طريق النجاح في مجال مليء بالتحديات.
إنه صانع اللعب السابق وسام الصوص الذي لطالما أذهلنا بثلاثياته الدقيقة، والتي ساهم من خلالها في انتصارات المنتخب الوطني حتى اعتزاله اللعب دوليا قبل 5 أعوام، وهو يشغل الآن منصب مدير كرة السلة والمدرب الرئيس في أكاديمية DME الرياضية في الولايات المتحدة.
يفخر الصوص بالنجاح الذي حققه حتى هذه اللحظة، إلا أنه لا يخف تعطشه لمزيد من النجاحات في المستقبل القريب، وقال في تصريحات خاصة لـ”الغد”: “التجربه ناجحة حتى الآن، استطعنا بعد أربعة مواسم (في الأكاديمية) بناء الفريق بطريقه صحيحة، الموسم الماضي فزنا ببطولة ولاية فلوريدا، وفي الموسم الحالي وصلنا لأفضل 15 فريق على مستوى الولايات المتحدة الأميركية بأكملها، لكن الأهم هو كم اللاعبين الذين يتخرجون من فريقي إلى فرق الجامعات الأميركية”.
يقوم الصوص بعمله بالشغف نفسه الذي كان يتمتع به كصانع ألعاب هادئ، يعشق تمرير الكرات الحاسمة ويتميز بنسبة نجاح مرتفعة وثابتة في التصويب من خارج القوس، هذا الشغف كوّن له اسما في الدورة التحضيرية الوطنية الأميركية، التي تهدف إلى تأهيل اللاعبين للمشاركة في دوري الجامعات الأميركي، وساعد الصوص بعض اللاعبين هذ الموسم، على نيل منحة دراسية كاملة في جامعة أيوا.
ويقول الصوص عن طريقة عمله: “هدفي الرئيسى هو تطوير اللاعبين إلى جانب مساعدتهم بالطبع على تحقيق الانتصارات، قمت بتطوير برنامج متكامل مستفيدا من الإمكانيات الموجودة في الأكاديمية يساعد على تحقيق الأهداف المرجوة، من خلال صقل اللاعب بدنيا وفكريا ومهاريا”.
وأضاف: “البداية كانت في العام 2016 عندما تم تعييني مدربا في الفريق، وبعدما لاحظ المسؤولون في الأكاديمية الجهد الذي قدمته من خلال تطوير الخطط والالتزام بها وتحقيق النتائج المرجوة، عرضوا علي منصب المدرب الرئيسي ومدير كرة السلة في الأكاديمية، وبتوفيق من الله وصلت لهذه المرحلة”.
لكن مشوار الصوص في عالم التدريب، لم يخلو من الصعوبات، نظرا لأن المهام والمتطلبات في هذا الجانب، مختلفة تماما عن التحديات التي يواجهها اللاعب خلال مسيرته، وقال: “الانتقال من اللعب للتدريب كان سلسا لكن هناك تحديات متعلقة بإثبات الذات، المشوار كان سلسا لأنني اكتسبت خبرة كبيرة كلاعب وكانت مهنة التدريب حلما وهدفا لي حتى عندما كنت لاعبا، أما التحدي فتمثل في إثبات أنني مدرب جيد من خلال العمل والاجتهاد، التحدي أمر جيد بالنسبة إلى المدرب كره السلة لأنه يقدم لك الدافع المطلوب لتطوير نفسك، ويجعلك دائم البحث عن طرق جديدة وفعالة لتحقيق ذلك”.
وتحدث الصوص عن الفوارق والاختلافات التي لاحظها بين طرق إعداد اللاعبين في الأردن والولايات المتحدة، وقال: “بعيدا عن الإمكانيات الموجودة، هناك فارق مهم متمثل في استمرارية العمل وتطوير اللاعبين من النواحي البدنية والفكرية والمهارية، وكذلك الانتباه للتفاصيل الصغيرة، خصوصا المتعلقة بمهارات اللاعبين، وهو ما يساعد على تلقينها وصقلها لهم بشكل سليم، ولا ننسى أيضا استثمار الأهل بأبنائهم، واللاعبين بأنفسهم، من خلال منحهم الوقت الكافي للوصول إلى أعلى مستوى ممكن، وأيضا الاهتمام الذي يلقاه المدربون المسؤولون عن تدريب الناشئين، لمساعدتهم على تقديم الأساسيات المطلوبة للاعبين بشكل صحيح”.
ولم يسمّي الصوص مدربا بعينه استلهم منه شغفه ورغبته في التحول إلى عالم التدريب، لكنه أكد أنه تعلم الكثير من جميع المدربين الذين أشرفوا على تدريبه، مضيفا أنه يكن احتراما كبيرا لكل منهم.
من ناحية ثانية، أشاد الصوص بالصحوة التي شهدتها السلة الأردنية خلال السنتين الأخيرتين على مستوى مسابقات الرجال، دون أن يخفي اعتقاده بحاجة اللعبة لتطور أكثر من الناحية الفنية، وقال: أنا أحب متابعة كل شيء متعلق بكرة السلة الأردنية، لكن وللأسف فإن وقتي لا يسمح لي بالمتابعة المكثفة، وبشكل عام فإن الحضور الجماهيري والتنافس منحا الدوري طابعا جميلا، أتمنى أن يتحسن المستوى الفني ويرتفع، في بعض المباريات التي شاهدتها كان بإمكانك الاستمتاع بالتنافس الكبير، لكن كمستوى فني فإننا نحتاج لمزيد من التحسن والتطور”.
وبيّن الصوص أن مستوى المنتخب الوطني في تصفيات كأس العالم 2019 كان متذبذبا، لكن الفريق تمكن “بهمة اللاعبين والمسؤولين” من تحقيق المطلوب، وأردف: “كانت المشاركة في النهائيات (في الصين) صعبة وهو ما كان متوقعا، لكنني كنت أتمنى الظهور بكل أفضل، يعجبني من اللاعبين الجدد كل من أمين أبو حواس وفريدي إبراهيم ويوسف أبو وزنة، وأتمنى أن يحظى لاعبون شباب آخرون بفرصة أكبر خلال الفترة المقبلة، دون إغفال الاستعانة بعناصر الخبرة”.
وأخيرا، قدم الصوص نصائح ثمينة للاعبين الصغار الذين يقضون حاليا فترة الحجر في بيوتهم للمساعدة على الحد من انتشار فيروس كورونا المستجد الذي أودى بحياة الآلاف في جميع أنحاء العالم، وقال: “بالإضافة للتمارين البيتية والحفاظ على اللياقة البدنية والإحساس بالكرة، نصيحتي الأهم هي مشاهدة الكثير من المباريات ودراستها. لكي تصبح لاعبا متميزا يجب أن تكون تلميذ اللعبة، وبرأيي هذا وقت مناسب للاعبين لدراسة مبارياتهم ومباريات لاعبين آخرين والتعلم منها”.
ويعتبر الصوص من الجيل الذهبي لكرة السلة الأردنية الذي تأهل إلى نهائيات كأس العالم للمرة الأولى في تاريخه، من خلال الحلول في المركز الثالث بنهائيات كأس العالم 2009، وشارك في النهائيات العالمية التي أقيمت في تكريا العام 2010، متحملا على نفسه إصابة صعبة لم تمنعه من تمثيل البلاد في هذا المحفل المهم، كما فاز مع المنتخب الوطني بلقب بطولة النخبة الآسيوية وكأس العرب مرة واحدة، وكأس ويليام جونز الدولية مرتين، وآخر بطولة دولية شارك فيها الصوص، كانت نهائيات كأس العالم 2015.
وعلى مستوى الأندية، تدرج الصوص في فرق الفئات العمرية لنادي الجزيرة، قبل أن يتحول للعب في فريق الرياضي الذي كون لنفسه معه اسما في كرة السلة الأردنية، وانتقل العام 2009 إلى فريق جامعة العلوم التطبيقية، من خلال صفقة باهظة في ذلك الحين.