خالد عوض*
“أجيال ورى أجيال حتعيش على حلمهم”، وستحمل إرث العطاء والوفاء للوطن باسم الرياضة، ذلك الذي سطروه بعرق جبينهم، وكفاحهم في الميادين التنافسية المحلية والعربية والقارية والدولية، وتركوا رسائل تفوح بالدروس والعبر، على جدار الزمن ونبراسهم اسم الوطن، فتزينت ذاكرة الأردنيين بصور ذكرياتهم، وكلما هب نسيم ذكراهم ترحموا عليهم، وزفوهم بأروع العبارات والكلمات، تشكل خريطة الطريق للأجيال القادمة في مواصلة الإنجازات للوطن باسم الرياضة الأردنية.
“رسالة من تحت التراب”، زاوية جديدة تطل بها “الغد” على قرائها، وتصيغ مضمونها بسيرة ومسيرة “فرسان” الإنجاز للرياضة الأردنية، وتقدمها غنية بالذكريات والوصايا، لتصيغ الرسائل من حياة القامة الوطنية الرياضية الكروية، اللاعب والمدرب والمحاضر الآسيوي الراحل خالد عوض في هذه السطور:
الراحل عوض.. “رفيق الكرة”
تولع الراحل خالد خليل عوض الشعيبات والمعروف بـ”خالد عوض”، بعشق الكرة، التي لازمته صغيرا وتلاعب بها كيفما أراد، وكأنها قطعة من جسده، وإمتلك موهبة فطرية ميزته عن أقرانه، الفتى السريع والمراوغ والهداف الشهير، ليولد كبيرا في عالم المستديرة، والتي أخذته عن أحلامه الدراسية، رغم نيله شهادة الثانوية العامة، الا أنه بقي يركض وراء أحلامه الكروية، وهو المولود في الرابع من شهر تشرين الأول (اكتوبر) العام 1960.
ولعل تعلق عائلته بالنادي الفيصلي، لاسيما المدرب واللاعب الراحل محمد عوض، وجذبه عراقة وانجازات “الأزرق”، ليحط رحاله فيه العام 1978، وتقدم بموهبته وابداعاته، ليفرض نفسه اسما رئيسا في تشكيلاته، وغدا محبوب “الجماهير”، والتي أطلقت عليه لقب “زيكو”، تيمنا باللاعب الأسطورة البرازيلي زيكو، وغدا لحنا شجيا على هتافات جماهير الكرة الأردنية، وساحرا يرسم بالكرة أجمل المهارات والمراغات، حتى كان يوصف بأنه “يراوغ النملة”، لمهارته الفائقة، وسر تحكمه بالكرة، فضلا عن سرعته وقدرته على خلخلة دفاعات المنافسين بخفته وقدراته، وصنع وتسجيل الاهداف “الملعوبة”.
“زيكو الأزرق”
للراحل خالد عوض والفيصلي، قصة ترويها الأجيال بفخر عبر التاريخ، حيث كان الراحل يدرس في كلية الحسين، وزامله عتاولة الكرة الأردنية، كل من باسم مراد، ميلاد عباسي، سعد الجوهري، موسى ابراهيم ويعقوب اللحام، باشراف الراحل عبدالمنعم أبو طوق، وكان ما يزال “زيكو” يبلغ من العمر 16 سنة، ولم يكن مقيد في كشوفات النادي، وتشاء الصدفة أن تجمع فريق كلية الحسين والفريق الفيصلي في مباراة ودية، بحضور رئيس النادي الفيصلي الراحل مصطفى العدوان، الذي لفتت موهبة وقدرات الراحل عوض، وبادر بضمه في صفوف النادي الفيصلي، ليتم تقييده في فرق الفئات العمرية بإشراف لاعب الفريق السابق محمد البرادويل، والذي ما أن وقعت عينه عليه، حتى أبعده عن فريق الشباب، وظن الراحل أن المدرب البرادويل لم يقتنع بموهبته، فيما كان قرار المدرب البرادويل بأن قدراته أكبر من فريق الشباب، ليتم ترفعيه الى صفوف الفريق الأول وهو لم يكمل الـ 18 ربيعا من عمره.
أمجاد فيصلاوية
وما أنهى الراحل خالد عوض الثانوية العامة، حتى تفرغ لاعبا فذا بالنادي الفيصلي منذ العام 1978، ولعب الى جانب أسماء كبيرة بالكرة الأردنية، وعندما انضم خالد عوض لصفوف الفيصلي، كانت هناك اسماء كبيرة امثال ابراهيم مصطفى، حسام سنقرط، ميلاد عباسي، عماد زكريا، احمد الروسان، محمد اليماني، واتبعهم بالجيل الثاني، جمال أبو عابد، عماد مسلم، خالد سعيد، سامي السعيد، ناصر عبدالفتاح وانيس شفيق، والجيل الثالث مهند محادين، موسى عوض، جريس تادرس، صبحي سليمان، موسى عوض، طارق عوض، زياد ابو شنب، نادر راغب، صبحي عوض، ايهاب نصر واحمد خليل، وأبدع وأمتع داخل المستطيل الأخضر، وطبع قبلاته على 29 لقبا فيصلاويا “8 بطولات دوري، 9 بطولات كأس الأردن، و9 بطولات كأس الكؤوس، ودرع الاتحاد 3 مرات”، وتاريخ الألقاب الفيصلاوية لم ينس أحد صائغيه الراحل خالد عوض، الذي شارك زملائه بالظفر بألقاب الدوري 1985، 1986، 1989، 1990، 1991، 1993، 1994، وكأس الأردن اعوام 1980، 1981، 1983، 1987، 1989، 1992، 1993، 1994 و1995، ولقب كأس الكؤوس مواسم 1980، 1981، 1983، 1987، 1989، 1992، 1993، 1994 و1995، ولقب درع الاتحاد اعوام 1978، 1991 و1992، وبقي الرقم الصعب في خيارات مدربي الفيصلي، ورغم أنه ودع المستطيل الأخضر العام 1994، إلا أن المدير الفني للفريق الراحل مظهر السعيد، استعان بخبرته وقدراته بالموسم 1995، وساهم في تحقيق الفريق 4 انتصارات للفريق محققا 12 نقطة في الموسم 1995، وإن غادره لاعبا إلا أن قلبه تعلق بعشقه بيته الفيصلاوي، وتواجد في مهام تدريبية عديدة لفرق الفئات العمرية والفريق الأول مرارا وتكرارا، وبقي اسم الراحل خالد عاوض مقرونا بالمهاري الساحر والمراوغ الماكر والهداف الماهر، حيث سجل للفيصلي 57 هدفا بالدوري، 19 هدفا بمسابقة كأس الأردن، و17 هدفا بمسابقة درع اتحاد الكرة، وهدفا واحدا في مباريات كأس الكؤوس.
تاريخ وطني
وتبعا لمهارة الراحل خالد عوض “زيكو”، فكان أهم خيارات المدربين الاجانب والمحليين في صفوف المنتخب الوطني، ليكتب بمهارته واسهاماته الكثير في التاريخ الوطني للكرة الأردنية، وهو حين يذكر اسمه، تصدح بالأذهان أغاني الزمن الجميل للكرة الأردنية “سنتر يلا وجيب الجول، او بطل الملاعب أردني يا منتخبنا الوطني”، حيث نال الراحل خالد عوض شرف الدفاع عن ألوان منتخب الوطن منذ العام 1981، وقبله المدرب الانجليزي داني، وكذلك طوني بانفيلد، والعديد من المدربين المحليين، وتواجد الى جانب نجوم الزمن الجميل للكرة الأردنية، خالد سليم، محمد اليماني، باسم تيم، ابراهيم سعدية، توفيق الصاحب، ميلاد عباسي، نادر زعتر، حسام سنقرط، زيد الشرع، فايز بديوي، جلال علي، نارت يدج، جهاد عبدالمنعم، عصام التلي، باسم مراد، خالد سعيد، عصام التلي، سامي السعيد، راتب الداود، يوسف العموري ورائد عساف، وما يزال هدفه من ركلة حرة مباشرة في مرمى قطر، يحاكي ذكاءه وابداعه وسحر مهاراته الكروية، هو الذي استمر في صفوف المنتخب الوطني حتى العام 1990، وشاركه محطات كروية هامة، لاسيما التصفيات الآسيوية 1982، 1986 وعام 1988، وشارك المنتخب الوطني في تصفيات كأس العالم 1986 و1990، وشارك في التصفيات الأولمبية لعام 1984، حيث لعب في صفوف المنتخب الوطني في 49 مباراة، منها 45 كلاعب اساسي و4 كلاعب بديل، محققا 9 انتصارات و12 تعادلا، وسجل 11 هدفا.
المدرب والمحاضر
وبقيت الكرة تجذب الراحل خالد عوض الى دروبها، وما أن اعتزل الكرة لاعبا لا ينسى في ذاكرة الكرة الأردنية، توجه الى ميدان التدريب، متسلحا بالخبرة والعلم وأعلى الشهادات والدورات، فنال دبلوم دورة الاحتراف الآسيوية والتي اقيمت في دول ماليزيا، كوريا الجنوبية، المانيا، كما شارك في دورة معايشة في “يوغسلافيا السابقة” في العام 2001، وحصل على شهادة التضامن الإسلامي في العام 1999 وباشراف الخبير الدولي اوتو بيفستر، ونال شهادة دورة التدريب الدولية خلال الفترة من 2005-2012، وحصل على شهادة التدريب الآسيوية A في العام 2001، وكان قبلها قد حصل على دورية B العام 1999، وقبلها بعام حصل على دورة تدريب C، وكذلك نال الراحل خالد عوض على شهادة التدريب “البروفيشنال”، بعد فترة معايشة في يوغسلافيا.
المدرب “الماكر”
وكما كان بارعا في لعبه ومهارته وخداعه لمدافعي المنافسين، ولقب بالماهر والماكر، عرف ايضا بتلك المواصفات في مشواره التدريبي، ولما تركه من حب واحترام في قلب النادي الفيصلي، فقد اناط به رئيس النادي الفيصلي السابق الراحل سلطان العدوان تدريب الفئات العمرية بالنادي خلال الفترة من 1996-2001، وتواجد بالاجهزة الفنية لفريق الكرة الأول مساعدا للراحل محمد اليماني، وكذلك للأجنبي برانكو، وتولى الراحل عوض تدريب الفريق الاول بالنادي الفيصلي، ونال معه لقب الدوري اعوام 2002، 2003 و2004، وقاد الفريق لقب كأس الإتحاد الآسيوي، وله بصماته التدريبية مع الفريق الأول، حين قاده مدربا للفوز القادسية الكويتي والتأهل للبطولة العربية.
وللراحل خالد عوض، بصمات تدريبية خارج أسوار النادي الفيصلي، حيث اشرف على تدريب كرة الجزيرة موسم 2005-2006، وتولى المهمة الفنية لفريق اليرموك الموسم 2007-2008، وأشرف الراحل عوض على تدريب الفئات العمرية لكرة الجزيرة، وقاد فريق الجزيرة الأول لنهائي درع اتحاد الكرة 2013 ، مترجما بصماته على الفنية الذي تولى قيادته منذ موسمين.
بصمات “خالد”
وتبعا للسيرة التدريبية الرائعة للراحل خالد عوض، فقد أناط به الخبير الكروي العربي الراحل محمود الجوهري، مهمة الاشراف على تدريب المنتخب الاولمبي برفقة المدرب علاء نبيل، وتولى ايضا الراحل عوض المهمة الفنية للمنتخب الوطني للشباب العام 2002، وتولى الراحل عوض مهمة المدير الفني لمراكز الواعدين كمحاضر آسيوي خلال الفترة من 2014-2016.
وازدان الراحل بعقد المهام الوطنية للكرة الأردنية، حيث شارك في ندوة تطوير البراعم والتي اقيمت في ماليزيا 2002، والمؤتمر التاسع لتطوير الكرة الآسيوية والتي اقيمت في العاصمة اليابانية طوكيو اللعام 2015، وبذات العام شارك في المؤتمر الآسيوي لتطوير الناشئين التي جرت في ماليزيا، ودورة تطوير المدراء الفنيين في قطر 2010، والمؤتمر الآسيوي التعليمي للمحاضرين في ماليزيا 2016، ودورة محاضرين (فيترو 3) الآسيوية التي اقيمت مرحلتها الاولى في الكويت 2013، وكذلك في المرحلة الثانية في كوالمبور الماليزية العام 2016، ودورة تطوير محاضرين ماليزيا 2016، والمؤتمر الآسيوي للتدريب والتطوير للمحاضرين ماليزيا 2016، والمهرجان الآسيوي للبراعم لمنطقة غرب آسيا (السعودية 2015) كمدير فني، والمهرجان الآسيوي للبراعم لمنطقة غرب آسيا (السعودية 2016) كمدير فني، واعتمد الراحل عوض محاضرا من قبل الاتحاد الآسيوي للدورة التدريبية C في الأعوام 2014، 2015، 2016، وكذلك محاضرا في دورة B للعام 2016، وتوفي المرحوم خالد عوض في الثامن عشر من شهر نيسان (ابريل) للعام 2017.–الغد