خالد الشيخ
رأفت ساره
ناضل الجراح هاريسون فورد(د.ريتشارد كامبل) كثيرا ليثبت براءته من قتل زوجته في الفيلم الذي أخرجه أندرو دافيز و كتبه وأنتجه روي هاغيتز عام 1993بعدما سبق وقدم نفس الشخصية في مسلسل كلاسيكي استمر عرضه أربع سنوات (1963-1967)، أما لاعب ألعاب القوى الأردني خالد محمد الشيخ فقد ناضل كثيرا هو الأخر لإثبات أنه الأفضل في سباق الماراثون (42, 195)كم وفي سباقات المسافات الطويلة بشكل عام، ولهذه الغاية سافر على حسابه الخاص إلى أمريكا وقبلها لألمانيا ودبي رغم المحاولات الحثيثة التي حاولت قتل روح الهواية فيه وإثناؤه عن تمثيل الأردن في المحافل الدولية!!
وإذا كان توم لي جونز (سام جيرارد) قد أجاد لعب دور المارشال الذي يطارد الدكتور في الفيلم فان أكثر من (لي جونز) تطوع لقمع رغبات الشاب الذي يركض بدون مدرب 3500ساعة سنويا !ونال خالد الشيخ (7ميداليات) في شيكاغو (التي تدور أحداث الفيلم الرئيسة في شوارعها) وحاز على اهتمام المارة الذين لفت انتباههم سمرة بشرته والتزامه الديني بتأدية الصلوات المفروضة وأمانته في المتجر والمطعم الذي عمل فيه مما ساهم في رسم صورة ناصعة البياض لمسلمين باتت سمعتهم على المحك بعد احداث 11سبتمبر.
ومؤخرا د توج مع محمد مبارك، محمد حمدان، عوني الرجبي ومحمد العمري بفضية العالم حيث احتل معهم وصافة المنتخب الهندي في التراماراثون العالم- سباق آسيا اقيانوسيا 100كم، وتحدوا دوراته الـ 10 بمسافة 10كم لكل دورة والتي استضافتها مدينة العقبة بمشاركة منتخبات لبنان، مصر، استراليا، الهند، نيوزيلندا، كوريا الجنوبية، واليابان وبريطانيا “.
بدا خالد الأب لزيد(6سنوات وزينب 4ومحمود2) ممارسة اللعبة من خلال سباقات الضاحية التي تقام في مدارس الوكالة عام 1986 حيث شارك في سباقات مدارس الزرقاء قبل ان يتحول لتمثيل كلية المجتمع الوطنية(درس الرياضيات ) بدوري كليات المجتمع ، ولما تحول للخدمة العسكرية (91-92) ظل خالد يتدرب وحيدا الى ان عرض عليه محمد ومحمد آدم الانضمام لنادي الاستقلال حيث وجد الكثير من التشجيع من قبل رئيس النادي فؤاد القدومي .
ولم تقم الكثير من البطولات حتى عام 1996وتحدديا الى يوم 19-4حيث شارك خالدا في سباق التراماراثون البحر الميت (50كم)الذي تقيمه جمعية العناية بمرضى الدماغ والأعصاب والتي تقام سنويا وعلى صعيد عالمي ومحلي، وقد دأبت الجمعية على الاهتمام بهذا السباق كإحدى أهم الوسائل المالية لدعم صندوقها الخيري، حيث أقيم أول سباق في عام 1993ولها اليد الطولى في تقديم اللاعب للمجتمع المحلي!
وقد فاز اللاعب (المولود عام1969) باللقب بعدما حقق زمنا مقداره(3,15,34) رغم مشاركة العديد من اللاعبين الأجانب ونشرت الصحف المحلية نبا حصوله على جائزة ماليه لكن هذا النبأ لم يكن صحيحا !
بعدها بعام حصل خالد على المركز الثالث بعد الجنوب إفريقي ومحمد السويطي، بعدما شارك في السباق بدون دافع.
وظل الشيخ وحيدا بلا مدرب مختص مكتفيا بالخبرات التي يجنيها من مشاركاته المختلفة ومتابعاته الشخصية.
وينفق (أبو زيد) على رياضته (تجهيزات ومواصلات) ما يعادل 1000دينار سنويا وقد حظي بدعم بسيط من رجل أعمال فشارك في سباق دبي 1998الذي حل فيه عاشرا.
وسافر على نفقته الخاص بعد عام الى المانيا للمشاركة في سباق برلين الذي علم بتاريخه وشارك فيه عن طريق الانترنت فحل بالمركز الأول في سباق 10كم وثانيا في سباق 20كم. والأهم انه نجح في تقديم الوجه المشرق للأردن والترويج لها سياحيا بعدما قدم للبلاد ووضعها على خارطة هذه الرياضة التي يظن العالم أن ابرز نجومها عربيا يأتون من المغرب والجزائر فتمت إضافة اسم الأردن بعد الإنجازات الرائعة التي حققها نظير تألقه هناك.
وبعدما انهى الشيخ دراسته الجامعية عام 1990حصل بعد عشر سنوات على وظيفة بوزارة التربية والتعليم كمدرس عام2000في مدينة الكرك الحبيبة .
عام2001 تلقى دعوة للمشاركة في ماراثون شيكاغو غير ان مدير تربية الكرك رفض طلبه الحصول على إجازة سواء براتب أو بدون راتب.كما رفض الاتحاد الأردني لألعاب القوى ووزارة الشباب ووزارة التربية والتعليم المساعدة حتى المعنوية للمشاركة في السباق الذي جرى في بورتلاند بالولايات المتحدة الأمريكية وعليه فقد تغيب لمدة 10أيام فتم فصله من سجلات وزارة التربية والتعليم بحجة التغيب عن أداء عمله وهو الذي استأذن للسفر من (محمد الدعجة) مدير مكتب الوزير خالد طوقان شخصيا.
وقد طلب مقابلة الوزير شخصيا مرتين إلا أن طلبه قوبل بالرفض مع ان تكاليف السفر برمته من جيب اللاعب الخاص.وتكرر الامر مع اتحاد العاب القوى الذين رفضوا فكرة السباق لانهم فضلوا إرسال لاعبين محددين مع ان بطاقة المشاركة جاءت باسمه .
وعرف خالد الخبر من أفراد عائلته الذين هاتفوه في أمريكا فما كان منه إلا أن قرر العمل كمدير لمطعم هناك.
ويرى خالد بان هذه الرياضة(الماراثون ) باتت تشهد اقبالا كميا ونوعيا على الساحة المحلية فهناك (على الصمادي وسلامة عبد الكريم ومحمد السويطي وعلي عبد الحافظ وعبد الرحيم العمري) وهو يتمنى المشاركة وتمثيل البلاد في اكثر من محفل والأهم تسجيل رقم أردني في سباق 100كم.(إذ لم يسبق لاحد ان شارك في هكذا سباق يجري على دفعة واحدة)!
ولا ينهي خالد أي سباق الا وفي قدمه خلع لإظفر وفي حذائه الكثير من الثقوب مما يستدعي خلعهما معا.
ويعمل خالد في تعبيد الطرق من الساعة السادسة صباحا وحتى الرابعة مساءا قبل ان يعود للتدريب بعد صلاة المغرب وأحيانا العشاء حيث داب على أداء الشعائر الدينية في أوقاتها حتى في أمريكا التي غير فيها صورة العربي وتحديدا الأردني في كل مكان حل فيه باعتراف اللاتينيين والأمريكيين الذين كانوا يتابعون سباقاته .
وفيما كان الأهل لا يعيرون انتباها لابنهم وهو يفوز بالسباقات المدرسية الا ان اهتمامهم به تغير بعد السفر وتمثيل البلاد في أكثر من محفل دولي.
وإذا كنت ممن يرتادون الطريق الخلفية لماركا الشمالية – الرصيفة وساقك الحظ لان ترى شابا يركض بلا توقف لمسافة تزيد عن 10كم يوميا فلا تقم باطلاق زامور سيارتك أو تقم برشقه بماء الطرقات ويفضل أن لا تقلق أو تظن بهذا الشاب الظنون فهو شاب عاقل بالغ يركض بعد صلاة الفجر أحيانا وأخرى بين صلاتي العصر والمغرب او المغرب والعشاء ورؤيته مستنفرا دائما يجب أن يعطيك أحساسا بان هذا الشاب المجتهد ليس هاربا من (قضية جنائية) بل نجما يحاول إنارة طريقه بنفسه ..وسط ظلام كثيف.