جلال قنديل*
المهاري والمعلم بالرسم بالكرة أجمل الهجمات والأهداف، وهو الذي جمع ما بين عشقه الكرة، وتميزه الدراسي حين حصل على شهادة الثانوية العامة من مدرسة حسن البرقاوي، وأتبعها بدبلوم محاسبة من كلية المجتمع العربي، وله من الأولاد 7 وابنتان.
المهارة والإبداع
عرف الراحل جلال قنديل، المولود في الخامس عشر من شهر تشرين الأول (اكتوبر) العام 1957، بشغفه بكرة القدم منذ صغره، واشتهر بمهارة مداعبة الكرة و”ترقيصها” ودقة إصابته للهدف مهما كان، منطلقا بسرعة البرق على طريق الألق، من الحارة والمدرسة ليستقر به المطاف في صفوف فريق الكرة بنادي الوحدات منذ العام 1972، وإن قدم إبداعاته لفريق الكرة الطائرة فيه، إلا براعته الكروية قدمته إلى المدربين بسرعة، لينال شرف تمثيل الكرة الأول في نادي الوحدات، وهو في سن الخامسة عشرة من عمره، مأسورا بحب النادي وعشق جماهيره التي تزحف خلفه حيثما حل وارتحل، وبراعة لاعبيه وصدق انتمائهم للصرح والهوية والشعار، وعزمهم على صنع تاريخ كروي متميز، ليبدأ الراحل جلال قنديل ورفاقه، بسرد قصة لا تزال تحكي بها الأجيال، عبر محطات كروية صعبة من الثانية إلى “المظاليم” ثم الكبار، قهروا فيها المحال، وسطروا فيها حكاية “المارد الأخضر” الذي ولد كبيرا بقيمته ونجومية لاعبيه وجماهيره، وفرض نفسه قطبا مهما في الكرة الأردنية.
الراحل جلال قنديل، مهندس العمليات في خط وسط الوحدات، ورجل المهمات والأهداف التي تحفظها الأجيال الوحداتية حتى الممات، صغير السن وكبير العطاء، والذي استطاع أن يبرز سريعا في تشكيلة الفريق الوحداتي، والأصغر عمرا في تاريخ تشكيلات الوحدات، والذي شارك زملاءه في فرحة الصعود الأول لمصاف الكبار- الأولى والممتاز سابقا والمحترفين حاليا- 1975-1976، ووقف الى جانب “العمالقة” حارس المرمى الراحل سمير كعوش، يعقوب ذياب، بهجت شهاب، الراحل عزت حمزة، ماجد البسيوني، عمر سلامة، إسماعيل يوسف، سلامة الرزاز، خالد سليم، نصر قنديل، وعثمان القريني، ورغم حزن المجموعة بالهبوط السريع، إلا أنها سرعان ما رتبت أمورها، وعادت الكتيبة الوحداتية لتدب الرعب في دوري الكبار بالعودة الى مصاف الكبار1977-1978، عبر سلسلة إصلاحات وفق سياسة الإحلال والتجديد وظهور أسماء وحداتية جديدة لتتابع المسيرة، وكانت تلك النجوم تمهد الطريق نحو انطلاقة الوحدات الكروية والجماهيرية.
أصغر قائد وأغلى لقب
وأخذ الراحل جلال قنديل ورفاقه راية الوحدات في رحلة الصعود حين استقروا بين الكبار العام 1978، وقاد الراحل جلال ورفاقه الوحدات بطلا من جديد للدرجة الثانية، وواصلوا رحلة الألق بين المركز الرابع 1978 والثالث 1979، مسجلا 8 أهداف تاريخية للوحدات في ذلك الموسم، وتتابعت النجوم في الفريق الوحداتي وتوالت الأسماء الخضراء الكبيرة، بين حيوية الشباب ودماء الخبرة، لاسيما باسم تيم، مصطفى أيوب، وليد قنديل، ماجد بسيوني، بكر جمعة، خالد سليم، مظفر جرار، وليد خاص، نصر قنديل، جلال علي، غسان جمعة، نادر زعتر، غسان بلعاوي، وغيرهم من الأسماء التي تقدم بالوحدات وجماهيره إلى أول وأغلى الألقب الكروية، بالظفر بلقب الدوري 1980 بقيادة المدرب عثمان القريني الذي تقدم من كتيبة الرعيل الأول.
وكتب الراحل جلال قنديل أهم التفاصيل في رحلة الوحدات إلى لقب الدوري الأول، حين حمل شارة قيادة الفريق في ذلك الموسم الرائع وهو لم يبلغ من العمر 23 سنة، حين تسلمها من قائد الفريق السابق يعقوب ذياب الذي حرمته الإصابة من مشاركة الفريق منافسات الموسم 1980، حيث تشرف الراحل جلال قنديل في ذلك الموسم، بتسلم كأس الدوري الوحداتي الأول، من الراحل الكبير المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال -طيب الله ثراه-، بعد فوز الوحدات على الحسين اربد في المباراة المعادة بنتيجة 2-1، والتي جرت في يوم الثلاثاء 11-11-1980، حيث توج الراحل جلال قنديل تألقه، بتسجيله الهدف الوحداتي الحاسم، بعد أن سجل زميله النجم خالد سليم الهدف الاول، فيما سجل للحسين اربد وقتها فايز جودة.
ولعل ما يعكس قوة وعزيمة الراحل جلال قنديل، وعطاءه بانتماء ووفاء للوحدات، ما قاله شقيقه وليد قنديل:” كان لدى جلال اصابة في قدمه في ذلك الموسم، وأصر على المشاركة رغم أن مدرب الفريق وقتها الكابتن عثمان القريني كان يريد استبعاده خوفا من تفاقم الإصابة، إلا انه أصر على اللعب محادثا الكابتن القريني: “إذا الرجل ما سجلت، أكيد بيسجل الرأس”، وكان الراحل جلال قنديل قد سجل في مرمى الحسين إربد برأسه في المباراة التي جرت في إربد، في المباراة الشهيرة التي اعترض الحسين إربد عليه بحجة عدم صحته، وانسحب وقتها الفريق من المباراة”، ليحمل الراحل ورفاقه على الأكتاف في زفة جماهيرية لا تزال خالدة في ذاكرة الكرة الأردنية، جابت شوارع عمان ومنهم من مشوا سيرا على الأقدام وراء الكأس الوحداتي الأول إلى عرين الأبطال في مخيم الوحدات، وما تزال توقيعاته حاضرة برفقة زملائه على لقب درع اتحاد الكرة، وكأس الأردن بالعام 1982، وكذلك بطولة درع اتحاد الكرة 1983، وما يزال الاسم الأحلى على لسان جماهير الوحدات في هتافاته، وتتذكره باستمرار لأنه من الأوائل في صياغة تاريخه الكروي وتترحم على أيامه وذكرياته ومهاراته، وما يزال في مخيلتها يحيى أجمل أهدافه، عندما سجل بطريقة “الكعب” في مرمى حارس الفيصلي، من كرة لولبية ذاهبة إلى خارج الملعب، ووضعها في الزاوية البعيدة على الطريقة الأوروبية في مباراة ذهاب موسم 1980، وذلك هدفه على طريقة “الغوص” في مرمى البقعة لذلك الموسم أيضا.
ألق وطني… وإصابة لعينة
وقادت مهارات الفذ الراحل جلال قنديل الى نيل شرف تمثيل المنتخب الوطني، والذي دافع عن ألوانه في 5 سنوات، وهو المعروف بصاحب النضوج الفني في الميدان، وللمراوغة وصناعة الألعاب “الفنان”، ولتسجيل الأهداف العنوان، وشاركه العديد من المحطات التنافسية والعربية والقارية والتصفيات الأولمبية، وعرف خلالها باللاعب الخلوق والملتزم، والحيوي والمهاري الذي يذكر الى جانب أسماء لامعة بالكرة الأردنية، الى جانب زملائه بالفريق الوحداتي، والتي سكبت مهاراتها وقدراتها الكروية بإخلاص ووفاء وإنتماء للكرة الأردنية، سواء على صعيد الأندية والمنتخبات الوطنية، لاسيما أجيال السبعينيات والثمانينيات التي ما تزال نجوم تتلألأ ألقا في سماء الكرة الأردنية الى يومنا هذا.
ولكن الإصابة طاردت مهارات الراحل جلال قنديل التي حملت الإبداع والإقناع والإمتاع، وهو الذي عرف -رحمه الله وأسكنه فسيح جناته-، بكثرة إصابته التي أنهت إحداها مشواره الكروي في العام 1984، عندما تعرض إلى الإصابة في منطقة الركبة-الرباط الصليبي-، والتي أجراها في عمان، لكنها لم تتكلل بالنجاح، ليضطر السفر إلى بغداد وأجريت وقتها العملية بنجاح، لكنه اختار إنهاء مشواره الكروي والاعتزال مبكرا، خاصة بعد أن أخذته دروب العمل وحيدا، ولكن بقي عشقه للمستديرة قاصدا درب التدريب فيها، حين تولى مهمة تدريب فريق شباب العقبة خلال عمله مديرا للبنك الإسلامي الأردني هناك، إلا أن رحلته التدريبية لم تطل، وبقي محبا لها على علاقة طيبة وطيدة بنجومها سواء على صعيد نادي الوحدات والأندية الأخرى، ليختاره الرفيق الأعلى إلى جواره في 29 آذار (مارس) العام 2002، تاركا رسائل الإبداع والإمتاع لنادي الوحدات والكرة الأردنية، باعتباره “مايسترو” ومهندس العمليات الذي أوقف مهارته تعدد الإصابات.–الغد