سعيد شقم
تتغلغل الرياضة في حياة سعيد عبدالرحيم شقم المولود يوم 19/4/1950 حتى تكاد تنتشر في ثنايا وريده ، هي ومجال الخدمات التقنية المرتبطة بالبنوك والإقتصاد الذي بلغ فيه شأنا كبيرا حتى بات احد اعلامه ايضا في الاردن وخارجه ، لكن شهرته كوزير للرياضة والشباب طغت على سطح معرفتنا به.
فوجود الاستاذين سليمان الطوبل وسعيد عوض بالكلية العلمية الإسلامية التي درس بها، بالإضافة لكون حصة الرياضة درساً هاما يدخل في المساقات وعلاماتها المدرسية بالإضافة الى حبه اللعب جعلا حياته تتخذ منحى رياضيا بالدرجة الأولى ، ولهذا بدا يمارس كرة القدم وكرة اليد والطائرة والسلة جنبا الى جنب مع لعبة الغطس (القفز بدون زانة فوق العارضة) والجمباز والعاب القوى بشكل عام والتي أهلته بدورها ليحصل على تكريم وجائزة من لدن سمو الامير محمد الذي كان يرعى مهرجان الكلية الإسلامية السنوي.
لكن رؤية نجوم كرة القدم الذين كانوا يتدربون مع فرقهم اومع فريق الشرطة والذين كانوا يتدربون على ملعب الكلية التي كان يدرس فيها جذبا انتباهه لكرة القدم، فمهارات اديب فاخوري (أبو دلال) وابو جساروشفيق عدس وأنور توغان كانت تجعله مع الرياضيين الآخرين يتشوقون للجلوس تحت ظل شجرة طويلة في ملعب الكلية العلمية الإسلامية ليستمتعوا من تحتها بالنظر الى نجومهم المفضلين،
وفي ملعب (بستان أبو شام) القريب من كلية زين الشرف للبنات في جبل عمان والذي كان يمارس مع زملاءه فيه، و فيه تجمع لاحقاً هو ومجموعة من زملاءه هناك يصل عددهم نحو 30 يافعا عندما عرفوا ان النادي الاهلي سيؤسس فرقا للاشبال وهو بحاجة الى شبان صغار ليلعبوا معه ، فما كان منهم الا ان تفننوا في النزول عبر شارع المصاروة حتى وادي المهاجرين فرأس العين، وصولا الى الحلم بدخول النادي الأهلي وهو ما أخبرهم به زميلهم سميرجنكات الذي عرف من والده محمد خير جنكات بان الأهلي سيرعى فرق الاشبال، ورغم انهم وصلوا للنادي إلا أن الترحيب بهم تم على اساس أن يعودوا في اليوم التالي للتسجيل في النادي مما جعلهم ذلك يعودون مهرولين في اليوم التاليحيث تم التسجيل ليبدأوا مغامراتهم الصغيرة في ملاعب الأهلي.
وبدأت اولى احلم اليقظة حين تم تقسيم الفتية الى العاب – غالبا حسب الطول – فبات على سعيد الذي كان في مرحلة المراهقة ويكتسب طولا متزايدا إلى أن يتوجه لتدريبات مجموعة لعبة كرة السلة، وهذا ما كان بدأ معه من العام 1965 حين لعب الى جانب سميح أديب وأخرين
وصار يلتقي هو وفريقه الجديد الذي ضم سميح أديب، فيصل ملحس، هشام العزة، حسين أبو رمان، وتعرف هناك عبر مباريات الاهلي على لاعبين مختلفين من الأندية الاردنية من أمثال هلال صلاح والذي كان يلعب مع نادي الاردن ويعيش في مصر، ايامها في العام 1965رأى ان اتحاد كرة السلة قد حابى فريقا غير فريقه خصوصا حين طلب نادي الاردن تأجيل مباراتهم (البطولة كانت على نظام المجموعتين وخروج المغلوب من مرتين) المقررة مع الأهلي حتى يستعيد قواه ولاعبيه ويكسب عودة هلال صلاح من مصر فبل دخول المباراة الفاصلة مع الاهلي، ونتيجة ذلك خسر الاهلي في المباراة المؤجلة ومن ثم خسر في المباراة الفاصلة ايضا، ولهذا أقسم سعيد شقم في قرارة نفسه بان لا يجعل الاهلي يخسر أبدا طالما كان في الاهلي وبإمكانه تجنيبهم ذلك، ومن يومها ولا هم لأبي كريم غير العمل بكل قوة كلاعب وكإداري او حتى كمتفرج او كمحب للنادي الابيض لجعل هذا الصرح فائزا بكل شيء في كل زمان ومكان ولكن عبر الإعداد الجيد والتمكين الصحيح.
سعيد شقم بدأ اللعب للفريق الاهلاوي الابيض وهو بسن 16 عاما وكان ذلك عام 1966 فبات مع “سميح أديب ومضر المجذوب وغازي بيشه ومحي الدين توق ومناف حجازي ويحيى وعلي بيشه وعلي نجم ” النجوم الذين جعلوا من الاهلي علامة فارقة ظلت تفوز باقتدار وقبل أن يبدا النادي الأرثذوكسي بالدخول للمنافسة في منتصف السبعينات…
وقد ترسخ المجد للاهلي بعد دخول مجموعة سعيد وسميح وفيصل مع مجيء إبراهيم الجعفري قادما من غزة، والذي زار ملعب الاهلي عد نكسة 1967 حاملا جريدة فيها حذاء الرياضة ليخبرنا انه كان يلعب مع منتخب فلسطين في غزة، فرحبنا به وكذلك فعل النادي فصار إبراهيم لاعبا وركنا اساسيا معنا.
كما صار شقم ركنا اساسيا في منتخبنا الوطني الذي كان يذهب لملاقاة الفرق السورية ما قبل حرب حزيران فكانوا يلعبون 4 مباريات في يومين (حيث يقسم الفريق إلى فريق للشباب الأصغر سنا فقط فيلعب ضد فريق 20 سنة، ومن ثم يلعب الفريق كاملا أمام الفريق الأول) واستمر ذلك إلى ان اصبح الفريق الاردني يبدأ في الفوز على الفرق السورية ،ومن يومها بدأت مسيرة الصعود للمنتخب الاردني لكرة السلة، وكان الفضل الرئيسيفيها يعود إلى الدكتور محمد خير مامسر الذي كان مدربا لمنتخبنا حين ذاك،
وبعدها لاقى المنتخب في العام 1970 المنتخب الأرمني في يريفيان بارمينيا والتي آلت نتاجها اول مبارتين فيها لفوزهم “85/36 وهي المباراة التي لم يلعبها شقم إصابته برشح وبرد شديدين ، وقد عالجه الممرض الروسي الذي احضر للفندق فجعله يشرب سائلا أخضر اللون شديد المرارة واخبره بأنه سيكون في وضع يسمح له باللعب في اليوم التالي، وهكذا كان في المباراة الثانية حين اصبح في حالة صحية جيدة ومختلفة عما كان عليه في اليوم السابق فلعب في الملمباراة التي إنتهت الى نتيجة 95/85 للفريق الارمني، وفي المباراة الثالثة التي لعبها المنتخب ضد منخب جورجيا في مدينة تبليسي الجورجية ليساهم في مستوى متقدم للمنتخب الذي خسر المباراة بنتيجة 104/91 وكذلك إنتهت المباراة الرابعة بنتيجة 111/94 لصالح الفريق الجوجي” ويذكر شقم بأن الجمهور الجورجي بات يصفق للمنتخب الاردني إعجابا وتقديرا للمنتخب الذي كان يلعب أفراده بحرارة ومهارة وبدون وجود لاعبين طوال القامة. تلك المباريات التي لعب فيها ” عواد حداد ، يحيى وعلي بيشه، سعيد شقم، فيصل ملحس، ابراهيم الجعفري، جميل ابو قورة، سمير ابو خضر، موسى بقيلي، بشارة الترجمان وراسم كمال، والأخير كان من لاعبي الضفة ولكنهم باتوا اركانا اساسية في المنتخب الوطني.
وقبل ان يعتزل شقم اللعب مبكرا في العام ، 1977 كان قد ُعرض عليه اللعب في العام 1971 لنادي الجزيرة لكن هذه المرة بكرة القدم ، ذلك ان المرحوم د.بسام هارون كان قد رآه يلعب في أحد تدريبات كرة القدم في الجامعة الاردنية من قبيل ممارسة لهوايته في كرة القدم وتسجيل الاهداف بعد أن ملّ من الانتصارات المتتالية بكرة السلة ، فلفتت سرعته وانطلاقاته من منطقة الجناح الايمن انتباه المرحوم د. هارون، فعرض عليه اللعب في الجزيرة خاصة بعدما تالق في المباراة التي لعبها فريق الجامعه في مباراة ودبة ضد الجزيرة والتي سجل فيها هدفي الجامعة التي خسرت باربعة اهداف من الفريق الذي كان يضم في صفوفه المشاهير الحاج علي وطالب ازمنا ونبيل التلي وهاني صبحا ونبيل خوري والاخرين.
وبعد عام من اعتزاله اللعب لم يشأ شقم أن يترك النادي الذي احبه منذ الصغر، فبات امينا للسر بحقبة سيف الدين مراد عام 1978 وهو العام الذي شهد بداية التخطيط لبناء النادي مع شركة سيجما الهندسية فوضعت أسس النادي الاهلي في الموقع الحاليا، والتي تحولت فيها الاحلام لاحقا الى ما هو عليه النادي الان ، وتحققت بسواعد كثيرة منتجة أشرفت على البناء ولكن شقم بقي قريبا منها هو ويحيى بيشه وعدنان نغوي وكثير من رجالات النادي الذي لم يتخلى عنهم شقم حتى وهو يتسلم عضوية اتحاد كرة السلة “79-80″ و”81-84” “86” وتولى منصب مدير المنتخب الوطني ايضا في العام 78، ومرة اخرى مع الإتحاد الرائع الذي ترأسه الكابتن مضر مجدوب وكان فيه أيضا نعمان عصفور ورجائي سكر ومعاذ خير، وهو نفس الإتحاد الذي إستقدم المدرب الامريكي روبرت تايلور في جهازه التدريبي والفني فحقق النقلة النوعية في مستوى لاعبي فريق المنتخب الوطني وكان شقم يشغل فيه منصب مدير المنتخب حين نلنا وصافة العرب في صالة قصر الرياضة 1984 بعد مباراة حضرها جلالة المغفور له الملك حسين رحمه الله.
وبعد تقلب شقم في العمل التقني في مجال برمجيات الكمبيوتر فدخل مجال الخدمات الفنية التقنية للبنوك (والذي سنفرد له منطقة خاصة) عاد شقم عام 1997 لرئاسة لجنة كرة السلة بالنادي الأم، لكن التطور الدرماتيكي الذي حصل في عامي 1998 وما تلاه قد غيرا حياته ربما للأبد ، ففي السنة الأولى إنتخب رئيسا للنادي للمرة الأولى، وفي مطلع أيلول في السنة التالية بات وزيرا للشباب والرياضة يوم 1/9/1999 ، وتبعا لذلك بات رئيسا للجنة الأولمبية، وكان ابرز ما قام به ولم يكرره وزير بعده ، هو اقرار مبدأ وجود ملعب لكل ناد في الدرجة الأولى لكرة القدم (لم تكن الأندية قد صنفت باندية الدرجة الممتاز أو المحترفين) وأيضا بارساله 11 مدربا من كل ناد الى يوغسلافيا للتعلم الميداني عبر معايشة مدربي أندية هناك ، واللافت ان الوفد الذي تم ارساله كان من الذين يستحقون التعلم والإيفاد دون النظر الى إنتقائية باختيار أسماء مقربة منه، وقد استفاد من ذلك نجومنا خالد عوض وأحمد عبدالقادر وعيسى الترك ونهاد صوقار ومأمون الزعبي وآخرين بعضهم من اربد والرمثا …كما بدء العمل على تطوير الأنظمة الرياضية بالجامعة العربية من خلال رئاسته للجنة الرياضية في مجلس وزراء الشباب والرياضة العرب ، بحيث بات هناك أنظمة موحدة للدورات العربية، وقد استفاد في ذلك بالتعاون والخبرات الأردنية التي كان منها الدكتور عصمت الكردي والراحل بسام هارون ود. ساري حمدان ومضر مجذوب وغالب بلعاوي ورزق المصري.
ناهيك عن العمل بنظام موحد لكل الالعاب الرياضية حسب التعليمات لدولية فاصبح قريبا من أنظمة وتعليمات المنافسات الدولية وقد كان شقم قد كلف بوضع سياسات الشباب العربي التي اقرت عام 2001 بالإضافة لترؤسه اللجنة الرياضية المعاونة لمجلس وزرء الشباب والرياضة العرب.
وشقم بات اول (وربما اخر) وزير يتم إختياره للمنصب وهو يتراس نادٍ أردني، لكن كل هذه الإشارات الرياضية برزعلى سطحها دوره الباز في وأد الخلافات التي كادت تعصف بمنتخبنا السلوي قبيل البطولة العربية التاسعة “دورة الحسين” والتي اثبت فيها رجاحة عقل ومبادرة شاركه فيها زملاؤه سمير نصار والمرحومين عايد فضل وفائق أبو حليمة فمهدت لتسلمه الحقيبة الوزارية دون ان يقلّ عنها ان لم يتفوق عليها جهده في المجال التقني الإقتصادي، حيث يعتبر احد الخبراء حول العالم في نطاق الخدمات التقنية في الحاسبات والبطاقات البنكية وخدماتها وول من قام بتركيب جهاز صراف آلي في الاردن بتاريخ 20 ايار 1985 ومن ثم إدخال وتركيب شبكة الصراف الآلي الأردنية للبنوك “جو. نت” والتي درب عليها بنوكا وشبانا أردنيين وفي دول أخرى، كما يحسب له انه كان خامس مبرمج ممن خدموا في مجال برمجة الحاسبات في سلاح الجو الملكي في مطلع السبعينات، ولكنه كان اول من ارسى لدعائم العمل في شركة خدمات فنية بنكية كبرى (الشركة الاردنية لخدمات البطاقات) في المملكة والتي أصبحت لاحقا شركة فيزا الأردن لخدمات البطاقات والتي تستحق أن يكتب عنها لاحقا كتجربة أردنية فريدة.